نبزة عن كتاب : نز هة المجالس ومنتخب النفائس

بسم االله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي قص لنا من آياته عجباً. وأفادنا بتوفيقه إرشاداً وأدباً. وأرسل فينا رسولاً كريماً نجيباً أطلعه على الحقائق ففاق أخاه وأباه، وعرض عليه الحبال ذهباً فنأى وأبى وخصنا بشريعته القويمة وجبا، فآمنا وصدقنا وله الفضل علينا وجبا، لأنه ادخر لنا ذلك في خزائن الغيب وخبا، أحمده حمداً أرغم به أنف من جحد وأبى وأبلغ من فضله الواسع أربا واشهد أن لا إله إلا االله وحده لا شريك له شهادة تكون للنجاة سبباً وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اجملتبى أشرف البرية حسباً وأطهرهم نسباً صلى االله عليه وسلم، على آله وأصحابه الذين سادوا الخليقة عجماً وعرباً... أما بعد: فإن النفس لها ارتياح إلى قصص الملاح وأخبار أهل الصلاح فأجبتها إلى مقصودها راغباً في الثواب من معبودها بشرط الإعراض عن فساد الأغراض ألتمس بذلك من أخ نظر فيها دعوة صالحة فلله أوقات فيها المقاصد ناجحة وأستمد من االله العون وأسأله التوفيق والعناية لأكون من فريق السعادة والهداية وأن يفعل ذلك بوالدي وأقاربي ومشايخي وأحبابي بمنهوكرمه أنه أرحم الراحمين وأن يشرك في ذلك من يقول آمين والمؤمنين كلهم أجمعين. اعلم وفقني االله وإياك لما يرضى وأعاذني وإياك من سوء القضا أني أقدم قبل الشروع في المقصود ما نقله غير واحد عن أبي القاسم الجنيد رحمه االله تعالى أنه سئل عن حكايات الصالحين فقال هي جند من جنود االله تعالى يقوم هبا أحوال المريدين ويحيي هبا معالم أسرار العارفين ويهيج هبا خواطر المحبين ويجري هبا دموع المشتاقين قيل فهل على ذلك من دليل قال نعم قوله تعالى وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك فأجبت لقول النبي صلى االله عليه وسلم عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة أن أجمع ما تيسر من أخبارهم وما اشتملوا عليه من العبادة في ليلهم وهنارهم وأن أطرز ذلك باللطائف والفوائد السنية والزواجر للنفوس الغوية من المواعظ القوية مع ما أذكره من المسائل الفقهية والمنافع الطبية وقطرة من مناقب خير البرية من هو حي في قبره حياة حقيقية وفاته في ضريحه المكرم على العرش طرية وأزواجه وأصحابه وأمته المرضية وقد جعلته أبواباً وفصولاً حوت معاني قوية وسميته نزهة اجملالس ومنتخب النفائس وختمته بذكر الجنة رجاء أن نؤول إليها بالفضل والمنة ومنه التوفيق وبه الإعانة. وهذا سرد ما اشتمل عليه من الأبواب والكتب والفصول باب في الإخلاص كتاب العقائد وفضل الذكر والقرآن الخ فصل في الذكر فصل في البسملة مع فصل سور وآيات فصل في أذكار غير القرآن فصل في أذكار الصباح والمساء باب المحبة باب ذكر الموت فصل في الأمل فصل في الصبر فصل في الرضا فصل في الأدب باب فضل الدعاء باب التقوى وفعل الخيرات والكف عن المنكرات باب فضل الصلاة ليلاًوهناراً ومتعلقاهتا باب في فضل الجمعة ويومها وليلتها باب فضل الزكاة فصل في زكاة الأعضاء باب ذم الكبر باب ذم الغيبة والنميمة كتاب الصوم باب فضل رجب وصومه باب فضل شعبان وصلاة التسابيح باب فضل رمضان والترغيب في العمل الصالح فيه فصل في ليلة القدر باب فضل يوم عرفة والعيدين والتكبير والأضحية باب فضل صيام عاشوراء باب فضل الجوع وآفات الشبع باب فضائل الحج وزيارة النبي صلى االله عليه وسلم في أركان الحج باب فضل الجهاد باب بر والوالدين باب الحلم والصفح عن عثرات الإخوان باب الكرم والفتوة ورد السلام فصل في كرم االله تعالى باب فضل الصدقة وفعل المعروف فصل في إكرام الجار باب في الزهد والقناعة والتوكل فصل في القناعة فصل في التوكل باب حفظ الأمانة وترك الخيانة وذكر النساء وفضل الزواج وذم الطلاق والتحذير من لواط وفضل الزراعة فصل في الزراعة وبيان قوله صلى االله عليه وسلم خلقتم من سبع ورزقتم من سبع باب الخوف باب التوبة باب فضل العمل واجتناب الظلم والشفقة على خلق االله تعالى والإكرام للمشايخ وفضل التسريح والخضاب فصل في فضل العقل باب فضل العلم وأهله فصل سكنى الشام باب مناقب النبي صلى االله عليه وسلم باب مولد رسول االله صلى االله عليه وسلم فصل في نسبه صلى االله عليه وسلم فصل في رضاعه باب في فضل الصلاة والتسليم عليه صلى االله عليه وسلم في إسرائه صلى االله عليه وسلم باب في وفاته صلى االله عليه وسلم باب في مناقب الصحابةوفضائلهم وأمهات المؤمنين رضوان االله عليهم أجمعين مناقب العشرة رضي االله تعالى عنهم فاطمة رضي االله تعالى عنها فصل في تزويج حواء بآدم مناقب الحسن والحسين رضي االله تعالى عنهما مناقب العباس رضي االله تعالى عنه مناقب حمزة رضي االله عنه باب فضائل الأمم وذكر ما فيها من الأنبياء والأولياء باب في ذكر إبراهيم صلى االله عليه وسلم باب في ذكر موسى عليه السلام باب في ذكر عيسى عليه السلام والخضر والياس عليهما السلام فصل في ذكر ما تيسر من المشهورين بالكنية بأسمائهم وتواريخهم من الصحابة رضي االله عنهم باب في أشياء من فعلها حرمه االله على النار وأعتقه منها باب في ذكر الحنة. 

الابدال وبركة الاولياء والصالحين

قال تعالى (‏ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) ‏

التفسير
‏أخرج ابن جرير وابن عدي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء‏"

‏وأخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله، ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم".‏

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض} قال: يدفع الله بمن يصلي عمن لا يصلي، وبمن يحج عمن لا يحج، وبمن يزكي عمن لا يزكي.‏

‏.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولولا دفع الله الناس...} الآية. يقول: ولولا دفاع الله بالبر عن الفاجر، ودفعه ببقية أخلاق الناس بعضهم عن بعض لفسدت الأرض بهلاك أهلها.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض...} الآية. قال: يبتلي الله المؤمن بالكافر، ويعافي الكافر بالمؤمن.

وأخرج ابن جرير عن الربيع {لفسدت الأرض} يقول: لهلك من في الأرض.

وأخرج ابن جرير عن أبي مسلم. سمعت عليا يقول: لولا بقية من المسلمين فيكم لهلكتم.

وأخرج الخلال في كتاب كرامات الأولياء عن علي بن أبي طالب قال: إن الله ليدفع عن القرية بسبعة مؤمنين يكونون فيهم.

من هم الابدال

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن عساكر عن علي "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأبدال بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا، يسقي بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب". ولفظ ابن عساكر: "ويصرف عن أهل الأرض البلاء والغرق".

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن، فيهم تسقون وبهم تنصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر".

وأخرج الطبراني في الكبير عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الأبدال في أمتي ثلاثون، بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون، وبهم تنصرون".

وأخرج أحمد في الزهد والخلال في كرامات الأولياء بسند صحيح عن ابن عباس قال: ما خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض.

وأخرج الخلال بسند ضعيف عن ابن عمر قال: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يزال أربعون رجلا يحفظ الله بهم الأرض، كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر، فهم في الأرض كلها".

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يزال أربعون رجلا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام يدفع الله بهم عن أهل الأرض، يقال لهم الأبدال، إنهم لن يدركوها بصلاة ولا بصوم ولا بصدقة. قالوا: يا رسول الله فيم أدركوها؟! قال: بالسخاء والنصيحة للمسلمين".

وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن لله عز وجل في الخلق ثلثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام، ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام، ولله في الخلق واحد قلبه على قلب اسرافيل عليه السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من الشبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم يحيي، ويميت، ويمطر، وينبت، ويدفع البلاء. قيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فينبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء".وأخرج الطبراني وابن عساكر عن عوف بن مالك قال:لا تسبوا أهل الشام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"فيهم الأبدال، بهم تنصرون وبهم ترزقون".

 وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة عن معاوية بن أبي سفيان"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس".‏

وأخرج ابن حبان في تاريخه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الله، بهم تغاثون، وبهم ترزقون، وبهم تمطرون".

وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال: لن تخلو الأرض من أربعين، بهم يغاث الناس، وبهم ينصرون، وبهم يرزقون، كلما مات منهم أحد أبدل الله مكانه رجلا. قال قتادة: والله إني لأرجو أن يكون الحسن منهم.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: لم يزل على وجه الأرض في الدهر سبعة مسلمون فصاعدا، فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها.

وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال: لم تبق الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها، إلا زمن إبراهيم فإنه كان وحده.

وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والخلال في كرامات الأولياء عن ابن عباس قال: ما خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض.

وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال: لم يزل بعد نوح في الأرض أربعة عشر يدفع الله بهم العذاب.

وأخرج الخلال في كرامات الأولياء عن زاذان قال: ما خلت الأرض بعد نوح من اثني عشر فصاعدا يدفع الله بهم عن أهل الأرض.

وأخرج الجندي في فضائل مكة عن مجاهد قال: لم يزل على الأرض سبعة مسلمون فصاعدا، ولولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها.

وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن زهير بن محمد قال: لم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا، ولولا ذلك لأهلكت الأرض ومن عليها.

وأخرج ابن عساكر عن أبي الزاهرية قال: الأبدال ثلاثون رجلا بالشام، بهم تجارون وبهم ترزقون، إذا مات منهم رجل أبدل الله مكانه.

وأخرج الخلال في كرامات الأولياء عن إبراهيم النخعي قال: ما من قرية ولا بلدة لا يكون فيها من يدفع الله به عنهم.

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن أبي الزناد قال: لما ذهبت النبوة وكانوا أوتاد الأرض أخلف الله مكانهم أربعين رجلا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقال لهم الأبدال، لا يموت الرجل منهم حتى ينشئ الله مكانه آخر يخلفه، وهم أوتاد الأرض، قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم، لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام ولكن بصدق الورع، وحسن النية، وسلامة القلوب، والنصيحة لجميع المسلمين.
وقد ذكرهم ابونا الشيخ عبد الرحيم البرعي في مدحته "مصر المؤمنة" من هنا

السر العظيم لقول بسم الله الرحمن الرحيم

تستحيل ترجمة الكلام القدسي للقرآن الكريم إلى أي لغة أخرى. الترجمة، أي ترجمة يمكنها ربما أن تكون بالنسبة للمعاني مثل الصورة الفوتوغرافية بالنسبة للشخص، لا يمكن لإنسان أن يكون مثل صورته الفوتوغرافية. مثلاً لا يمكن للسلطان أن يقبل صورته باعتبارها حقيقته. لو أراد الله جل وعلا أن ينزل كتابا من السماء باللغة الماليزية فإن له ذلك باعتبار إرادته. لكن كل الترجمات هي كلمات عباده. ولن يمكن إطلاقاً أن تكون مثل كلام الله. لذا فإننا نقول في القرآن "بسم الله" الرحمن الرحيم. الترجمة تكون مثل صورة عن "بسم الله الرحمن الرحيم".
لذلك فإننا لو قلنا من البداية وحتى النهاية "بسم الله الرحمن الرحيم" بلغة أخرى غير لغة القرآن فإن ذلك لن يوازي قول مرة واحدة "بسم الله الرحمن الرحيم". لكننا نقول بأن بعض الناس سيشعرون أحياناً بالسعادة من جراء الاستماع لبعض المعاني ويحتفظوا بها لأنفسهم. في أحد كتب الأطفال المعدة لتزويدهم بثقافة عامة رأيت فيه صورة لجنيه إسترليني من فئة الخمس جنيهات أو العشر جنيهات، فلو أنني قلت لأحدهم لعلنا نقطع هذه الأوراق النقدية ونشتري بها شيئاً. فإنه سيجيبني على الفور لا لأنها صورة فوتوغرافية عن النقد الحقيقي. ومن ذا الذي سيقبل تلك الصورة كما يقبل النقد الحقيقي؟ لذلك من منظار المعرفة فإننا لو حاولنا أن نجد المعنى الكامل لعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" فإننا سنمضي هذه الحياة بكاملها ولن ننتهي من البحث.

سيدنا علي كرّم الله وجهه كان يقول : أيها الناس لو أنني جلست هنا وبدأت أكشف معاني "بسم الله الرحمن الرحيم" فإن ذلك قد يكفي لتحميل مائة جمل. مع ذلك فإن العمل لن ينتهي. لقد قيل أن الله جل وعلا أرسل 114 كتاباً مقدساً عبر العصور وأنه جمع كل المعارف التي وردت في تلك الكتب في القرآن الكريم ثم أنه جمع كل المعارف والمعاني الباطنة للقرآن في سورة الفاتحة.

لذلك لو صلى أحدهم وتلا القرآن بدءاً بـ "ألم" وانتهاء بـ "من الجنة والناس" لكن دون سورة الفاتحة فإن صلاته تكون غير كاملة. لأن القرآن بكامله لا يتساوى مع الفاتحة. حتى أنه لو قرأ المرء القرآن كله سبع مرات (لكن دون سورة الفاتحة) فإن ذلك لن يكون مساوياً لتلاوة الفاتحة الشريفة.

لذلك من دون الفاتحة فإن الصلاة لا تكون كاملة. في المذهب الشافعي الفاتحة فرض، في المذهب الحنفي هي واجب. الفاتحة هي سبع آيات لخص بها الله جل وعلا كل معاني القرآن الكريم. عندما خلق الله تعالى اللوح المحفوظ. وخلق القلم الأعلى. وسأل الله القلم أن يبدأ بكتابة اللوح. وعندما سأل القلم ماذا أكتب يا ربي ؟ جاءه الجواب :

أكتب : "بسم الله الرحمن الرحيم" وقد استغرق القلم الأعلى في كتابة تلك العبارة سبعمائة عام. شيء لا يمكن لإنسان أن يتخيله. لأنه ليس من الأمور التي يمكننا أن نقيسها بمقاييسنا. لأن عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" توازي قيام كل شيء في الكون في الملك والملكوت بالتسبيح والتعبير عن الحمد والشكر أمام عظمة الله. ونحن قد نكتبها ببرهة قصيرة"  لكن ليس هناك ما يماثلها قوة في إظهار قدرة الخالق وعظمته وسلطانه الأبدي. واقفا ومبهوتاً أما عظمته فإن القلم الأعلى استغرق سبعمائة سنة ليلخصها بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم".

بعدها أقسم الله عز وجل بعزته وعظمته أن أيا من عبادي يقول أسمائي ويذكرني بتلاوة بسم الله الرحمن الرحيم فإني سأجازي ذلك الشخص كما لو أنه صلى لي سبعمائة عام. كل ذلك لقوله مرة واحدة "بسم الله الرحمن الرحيم". لا تظنوا أن ذلك المنح كثير على الله (جل وتعالى عن أي نقص) فقد نقل رسول الله عن الله تعالى هذا الوعد في حديث قدسي.

إننا في حاجة لأن نؤمن لا أن نعرف. الأوروبيون ربما يريدون أن يعرفوا لكن لا  إيمان لهم. وما الفائدة من المعارف الظاهرية؟ إني ألتقي بعدد كبير من الدارسين الغربيين، وهم يتلون القرآن والحديث الشريف، وهم يعلمون عن القرآن ربما أكثر من دارسينا وعلمائنا. كذلك كم من طلابنا الذين يأتون إلى أوروبا لينالوا "الدكتوراه" وهم يتعلمون منهم.
نحن في حاجة أن نؤمن لا أن نعلم. لأنك ما لم تؤمن فإنك لن تستفيد من المعرفة التي أعطيت لك. نحن في حاجة أن نؤمن لا أن نعلم. لأنك ما لم تؤمن فإنك لم تستفيد من المعرفة التي أعطيت لك.
نحن في حاجة ان نؤمن بما نعلم ونحن ننطق بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" ونستمد منها مدداً قدسياً. الله يعلم أننا عبيد ضعفاء وهو يسعى دوماً للتعويض عن ضعفنا بكرمه. وهو يقول لنا إن كنتم تخشوني فإليكم مددي و الله يرسل من عنده مدداً.


إن عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم" تمدكم على الفور وفي أي وقت في أي مكان وفي أي مناسبة تشعرون بالحاجة إلي قولوا "بسم الله الرحمن الرحيم". لذلك كان الرسول (r) يقول (كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر). أي عمل مهم تريدون عمله وتتوخون منه فلاحاً فابدءوا باسمي وقولوا "بسم الله الرحمن الرحيم". تواضعوا حقيقة لكي تقولوا "بسم الله الرحمن الرحيم". لذلك فإن الله تعالى أرسل "بسم الله الرحمن الرحيم" لعباده ليلجأوا إليها. وحتى لو لم يعرفوا ترجمتها التامة فإن بإمكانهم أن يقولوها.

في حديث قدسي نقله الرسول يقول الله تعالى "أنه لو أن عبادي بأسرهم أولهم وآخرهم، إنسهم وجنهم في الملك وفي الملكوت، لو أنهم حشروا جميعاً في سهل ولو أن كل منهم سألني أن أعطيه أي شيء يتخيله حتى ولو فاق أي تصور في دنيا. فإن لهم أن يسألوا ولي أن أعطيهم ما يسألوه. ومهما أعطيتهم فإن كنزي لن ينقص منه قدر شعرة. لأنه لو كان كنز الله عرضة للتناقص فإنه قد ينتهي. لذا فإن كرم الله ونعمه لا تنتهي ولا تزول. وأهم صفات الله أنه كريم.

لذا عندما يقول الله تعالى إن كل من يقول "بسم الله الرحمن الرحيم" يكافأ كما لو أنه صلى لله سبعمائة عام فإن علينا أن نؤمن به لأن لا مثل هذا ولا غيره هو على الله جل وعلا بكثير. لذا فإن واجب الأهل أن يعلموا أطفالهم أن يلجأوا عند كل عمل وكل مناسبة إلى "بسم الله الرحمن الرحيم". لأنه لو نسينا "بسم الله الرحمن الرحيم" وخسرناها فإن ذلك سيعني أننا سنضيع وننتهي. أثمن شيء يمكن أن تورثوه لأولادكم هو قول "بسم الله الرحمن الرحيم

الفرق بين العبدية والعبودية

أبا يزيد البسطامي الملقب "سلطان العارفين" يفضل أن يقال
له "عبد الله". هو يحب أن يقال له "عبد الله" لأن كلمة "سلطان" تشير إلى العظمة. وهو في غاية التواضع. لكن نحن فرحين أن نقول له سلطان العارفين. نقول له "سلطان".
ولا توجد رتبة أعلى للإنسان من أن يقال له عبد الله. للنبي عليه الصلاة والسلام مئات الأسماء والألقاب. وهو كان يفرح أكثر ما يفرح أن الله سماه في قوله تعالى ((سبحان الذي أسرى بعبده)). لم يقل بمحمد أو بأحمد أو بمصطفى أو بمرتضى أو شفيع الأمة… سماه ربه بعبده. عبده الخاص. وهو الحامل الصفات الكاملة للعبدية. 


العبودية شيء والعبدية شيء آخر. في العبودية يكون الإنسان عابداً. 

لكن في العبدية أمر آخر. في العبودية. كل إنسان ينال بسهولة أن يكون عابداً لربه. الذي يؤدي الفرائض يكون عابداً. لكن عبد الله هو الذي لا يخطو خطوة خلافاً لمرضاة الله. هو الذي يكون لله فقط وليس لغيره.((إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له)).

النفس في الإنسان تسعى على الدوام لأن تجعلك تحت قيادتها وطاعتها وسلطانها. أي أن تكون مملوكاً لها. مثل هذا الإنسان لا أمل له. في كل حال من الأحوال تحت إرادة نفسه. صفة مثل هذا الإنسان هي (ثم آمنوا ثم كفروا). أحياناً نطيع ربنا وأحياناً نعصيه. أحيانا نتوجه لربنا جل وعلا وأحياناً نترك التوجه إلى حضرته ونتبع الشيطان. جعل نفسه شريكاً لربه أو إلهاً له. حيث يقول ربنا جل وعلا
((أفرأيت من اتخذ إلهه هواه))الهوى من النفس. هوى النفس. والذي يتبع هوى نفسه فقد هوى، فقد هلك. لو أدركه الموت وهو تابع لنفسه انتهى من أهل النار.

 لذا فإن مراقبة الإنسان لنفسه على الدوام واجب. عندما يخطو خطوة على طريق الخطأ يجب عليه أن يصحح. فلا يبقى على خطئه أو يصر عليه. المؤمن لا يليق به أن يكون غافلاً بل واجب المؤمن أن يكون يقظاً على الدوام. كلما أدرك خطأ من نفسه عليه أن يصحح. يقول "استغفر الله تبت ورجعت إليك يا ربي". يقول الشيطان "أهلكت بني آدم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار". هو يسعى وراءنا ليلا نهاراً. يقول سيدنا شاه نقشبنده "ما وجدت الشيطان غافلاً ولا لحظة من أمره" لإهلاك الأمة بأن يجعلهم من الكافرين أو من العصاة أو المنحرفين".

على الدوام الشيطان وراءنا. وهو يفرح كلما تبعه إنسان. يفرح كلما ارتكب إنسان ذنباً أو خطأ. لكن هو يقول أهلكت بني آدم بالذنوب فأهلكوني بالاستغفار. الله جل وعلا فتح باب الاستغفار الحق أمام عبده ليخلصه من قبضة إبليس والأبالسة والشياطين.

النبي صلوات الله عليه كان يقول أنا أستغفر ربي كل يوم سبعين مرة. الرسول وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر ربه سبعين مرة كل يوم فما بالكم أنتم وكم مرة في اليوم يجب أن تستغفروه؟ سبعين مليون استغفار قد لا تكفي. لو قلنا استغفر ربك سبعين مرة. يقول الجهال لماذا الاستغفار بالعدد؟ الحكيم يعطي الدواء بمعيار وبالعدد. وأنت لا تعارضه. عندما تقول له ذكر بالعدد يظهر معارضة كبيرة.!!!!

 ومن لازم أن تمسك مسبحة بيدك. إمساك المسبحة بيدك يذكرك. لو تركتها جانباً فإنك ستقول كم مرة زكرت ثم تنسى هذا تذكير للمؤمن أن يذكر وأن يكون مع الله جل وعلا.
كلما كنت مع الله فإن الله معك. الله يؤيدك ويحميك ويحفظك ويسعدك دنيا وآخرة.
جميع الحقوق محفوظة لــ موقع المديح النبوي 2015 ©