خمسة قصائد للشيخ على وفا

الاولى     رُوحي لِحَيكَ قـدْ رَاحَتْ و ما رَجَعَتْ

رُوحــي لِـحَـــيـِّــكَ قــَــدْ رَاحَــــتْ و مــا رَجَـــعَـــتْ
كــأنـــهــا مـــنـــكَ فــــــازتْ بــالـــذي طـَــمَـــعَـــتْ
تــَـرَنــَّـحَ الــذكــْــرُ فــي أقــْــطــَـارِ مَــسْـــكــَــنِــهــا
فــَـحَــرَّكــَـتْ لـلـْـحِــمَــى أعْــطــافــَـهــا و سَـــعَـــتْ
إنْ كـَـانَ قــَـدْ حَــصـَـلـَــتْ فِـي الـحَــيِّ أو وَصَــلـَــتْ
لِــبـَـابــِــهِ فــَـلـَـهـا الـبُــشــْــرى بــِـمـَـا صَــنــَــعَـــتْ
الـفــَـــرْحُ يـَــقــْــدُمـُـهــا وَ الـسَّــــعـْــدُ يـَـخــْــدُمـُـهــا
و ذاكَ خــَــيـْــرٌ مـِــنَ الــدنـــيـــا و مـَـا جَـــمَـــعَـــتْ
وَ إنْ تـــكــنْ وَقــَــعَــــتْ مـِــنْ دُونِ مــا عَـــرَفــَـــتْ
فــَــفـِــي الــذي جَـــزَعَــــتْ مـــنـــهُ إذنْ وَقــَــعَــــتْ
يـَـا لــيــتــهـا رَضــيـَــتْ بــِالــذكــْـــرِ إذ حَــظِــيــَـتْ
يـَـا لــيــتــهـا صَــبـَــرَتْ يــا لــيــتــهـا قــَــنــَــعـَـــتْ
لـَــكـِـــنــَّـهــا أبــــــــداً تــَــرْجـُـــــو نـــَـــــداكَ وَ مـَـا
يـَـخــيــبُ راجــِـــي أيــــاديـــكَ الــتـــي وَسـِــــعَـــتْ
و إنــَّـهــا عـــنـــكَ يـَـا سُــــــؤلـــي و يــا أمـَـــــلـــا
و اللهِ لـوْ قــُـطِــعَــتْ بـالـهـَـجْـــرِ مــا انـــقــطـَـعَـــتْ
و اللهِ مـَــا رُويـــــَـــــــتْ و اللهِ مـَــا ظــَــمـِــــئــَــــتْ
و الله مـــا ســَـــــهــِــرَتْ و الله مـَــا هــَـــجـَـــعـَــــتْ
إلا و أنـــــت الــــرُّوا أو أنـــــتَ مـُــعـْــطـِــشــُــــهــا
أوْ أنــتَ مـَـا نــَــظــَــرَتْ أوْ أنــتَ مـَـا سَـــمِـــعَــــتْ


الثانية
حـقـقـتُ عــهــدَ مـحـبـتـي و ولائِــــيبشـهـودِ تـوحـيـدي و حُـكــمِ وفـائــي
و شهـدتُ فيـكَ حبيـبَ قلبـي راحـتِـيو حَـيـاةَ أرضــي و ابتـهـاجَ سمـائـي
و ألِـفـتُ فـيــكَ تعـشـقـي و تـشـوقـيو تـحــرقــي و تـمــزقــي و فـنــائــي
و حَــلا لقلـبـي فـيــك مـنــك مَنـيـتـيو تـروْحُـنِـي و عـنـايـتـي و عـنـائــي
يــــا مَـــــن إرادتـــــه إرادة عــبـــدِهأرضَــى بـمـا تـرضــاهُ يـــا مـولائــي
حقـقـتـنـي بـجـمــال طـلـعـتـك الــتــيمحَقـت شهـود الغـيـر عــن عيْنـائـي
يــا نافـثـاً سِـحْـرَ الـغــرام بمهـجـتـيو مثـيـرَ نــار الـوجـدِ فــي أحشـائـي
أطلعـتَ فـي فلَـكِ المـلاحـةِ و السـنـاشمـسَ الهُـدى فــي الليـلـة اللـيـلاءِ
فسبـيـتـنـي بجـمـالـهـا لــمــا بـــــدتْمحـبـوبـة المـعـنـى بـصــون بــهــاءِ
حسـنـاء نـوّعـت المحـاسـن إذ أتــتبصِفـاتِـهـا فـــي أحْـسَــنِ الأســمــاءِ
و لـقـد خلـعْـتُ بـهـا الـعِــذارَ تهـتُّـكـاًو أنــا الــذي روح الـحـيـاء ردائـــي
يـا مَــن تحـجّـبَ بــي عـلـيَّ بباطـنـيعـن ظاهـري فـهـو القـريـبُ النـائـي
عِـدْنـي فـديْـتـكَ يـــا حـيـاتـي مثـلـمـاأفنـيـتـنـي يــــا أرحـــــم الـرحــمــاءِ
و اجـمـع شـتــات عَـوالــم قيُّـومُـهـابــك صــار منـهـا أغـــرب الـغـربـاءِ
و ارْحَــمْ بـعِـزّكَ ذِلـتــي يـــا مُنـيـتـيتـغـنــي بـلـطـفـك أفــقـــرَ الـفــقــراءِ
صـبٌّ عـلـى حـمـل الـهـوى ذو مِــرَّةٍو عــن التصـبُّـرِ أضـعـفُ الضعـفـاءِ
فاكشف حِجَابَ شهادتي عن شاهديمُتـجـرِّداً عـــن سُمـعـتـي و خـفـائـي
فــأرى بعيـنـك وَجْــهَ ذاتِــكَ سـيــديفــي خـلــوةٍ عـــن سـائــر الـرقـبـاءِ
يــا ذاتَ أوصـافـي و نــورَ وُجـودِهـايــا عـيـنَ تـجـريـدِي و ســـرَّ بـقـائـي
يــا مُبـدِئـي يـــا غـايـتـي يـاظـاهـرييـــا بـاطـنـي و حقـيـقـتـي و مُـنـائــي
أطـلِـق مِــنَ التحـديـدِ حُـكـمَ مَراتِـبـيو تــــــوَلَّ مـــنــــي ســـائــــرَ الآلاءِ
و اصْرِفْ إلى صِفةِ الجمالِ صَبابَتـي بشـهُـودِ تـوحـيـدي و حـكــم وفـائــي

الثالثة 
زادنــــي الــوصـــل لـهـيـبــاهــكـــذا حَــــــالُ الــمُــحِــبّ
لا بــوَصْـــلـــي أتـــسَـــلْـــىلا و لا بـالـهــجــر أنـــســـى
لــــيــــس لــلــعِــشْــقِ دواءٌفاحْـتـسِـبْ عـقــلاً و نـفـســا
إنــنِــي أسْـلَــمْــتُ أمْـــــري فـي الهـوى معـنـى و حِـسّـا
مَـــــا بــقِـــي إلا الـتَّـفَــانِــي حـبــذا فـــي الـحــب نـحـبـي
إنـــنِــــي بــالــمـــوت راضٍ هــكـــذا حَــــــالُ الــمُــحِــبّ
يــــــا حـبـيــبــي بـحــيــاتــك بـحـيــاتــك يــــــا حـبــيــبــي
رِقَّ لـــي و انـظــر لـحـالــي أنــــت أدرى بــالــذي بـــــي
أنـــــت دائـــــي و دوائــــــي فـتـلــطــف يــــــا طـبــيــبــي
إن يـكــن يُـرضِـيــكَ قـتـلــي فـاجــعــل الـقــتــل بـقــربــي
إنــنِـــي بـالــوَصْــلِ أفــنـــى هــكـــذا حَــــــالُ الــمُــحِــبّ
أنــــت فــــي كــــل جـمــيــل و جــمـــالٍ يـــــا مـطــاعــي
قــــــد تـجــلــيــت لـقــلــبــي مُـسْـفِــراً لـلــحــب داعِـــــي
و عـلــى عـشــق الـجـمــال طــــبـــــع الله طِـــبـــاعِــــي
فـلــهــذا شـــــاع عِـشــقِــي و رَضِــي بالعـشـق صَحْـبـي
و تــفَــانــيْــنــا جــمـــيـــعـــاهــكـــذا حَــــــالُ الــمُــحِــبّ
يـــا سُـقــاة الـــرَّاحِ بَــسِّــيفـيـكـم قـــد غــــاب حِــسِّــي
قــــــد سـلـبــتــم بــــــوِدَادِي يـــا مِـــلاحَ الـحَــيِّ نـفـسـي
أنـــا مـــا يَـسـبــي فــــؤادي غــيــر تـالـيـفـي و أنــسِـــي
آهِ يـــــا تــمْــزِيــقَ قــلــبــي آهِ يـــــا قـتــلــي و سَـلْــبــي
مِــتُّ مِــنْ لُـطـفِ الشـمـائـلْ هــكـــذا حَــــــالُ الــمُــحِــبّ
كـــل صَـــبٍّ مــــاتَ وَجْــــداً يَـشـتـكــي حَــــــرْ الــــــدَّلال
و أنـا فــي العـشـق وَحْــدِي أشـتـكــي بَــــرْدَ الــوِصَـــال
نـاسَــبَ الـلـطـف وُجُــــودي فــتــفـــانـــى بــالـــجـــمـــال
عِـشـتُ طــولَ الـدَّهـرِ فـــانٍ مُسْـتـهـامَ الـعـقــلِ مَـسْـبــي
طــيِّـــبَ الـعَــيْــشِ خـلِـيــعــاً           هكذا حَالُ المُحِبّ

الرابعة مـا دُمـْــتُ بـَـيـْـنَ يـَـدَيـْـكـُـمْ

مــا دُمـْــــتُ بـَــيـْــنَ يـَــدَيـْــكـُـمْ فـالـهـَــنـــَا مَــــدَدِي
و الـبـَـسْــــط ُحــَـالـِـيَ و الأفــــرَاحُ طـَـــوْعُ يـَـــــدِي
أنــْـتــُـمْ حـَــيـَــاتِــي فــَإنْ شـــاهَــدْتـكـُـمْ حَـــضـَـرَتْ
و إن حُـجــِـبْــتــُـمْ تــَغِــيــبُ الــرُّوحُ عَــنْ جَــسَـــدِي
لا غــَـــيــَّـــبَ اللهُ عـَـــنــِّـي وَجـْــهــَــكــُــمْ أبــَــــــداً
حـَـتــى يـَـطِــيــبَ بــكـُـمْ عَــيْــشِـــي إلـــي الأبــَـــــدِ
أنــَـا الــفـــقـــيـــرُ إلــيــكـُــمْ و الــغـــــنِـــــيُّ بـــكـُــمْ
فــلــيـــسَ لـِــي بـَـــعـــدَكـُــمْ حِـــرْصٌ عَــلـَـى أحـَــدِ
يـا عِــــزَّة ً ظــَـهـَــرَتْ فِـــي رَحـْـــمَـــةٍ نــُـشـِــــرَتْ
عَــلــَى الــقــُـلـُـوبِ بــِـسـِـــرِّ الــوَجـْـــدِ و الــرَّشــَــدِ
وافــَـيـْــتُ حَــضـْـرَتــَـكـُـمْ أرْجـُــــو مَــرَاحِـــمَــكـُــمْ
مُــــعــَـــوَّداً بــِـوَفــَـــا مَـــعـْــنــَـاكـُــمُ الـصـَّـــمـَــدِي
مُــــنــُّــوا عَــلـَـيَّ بــِـتــَـخـْــلِـــيـــدِ الأمـَــــانِ كــَـمـَـا
جُــــدْتــُـمْ عـَـلـَـيَّ بــِـمـَـا لا كــَــانَ عـَـلـَـى خــَـلـَــدِي
مَــنْ كـَـانَ مـنــْـكـُـم لـَــكـُـمْ عـَــبـْــداً عـَــلا شــَــرَفــاً
مَــنْ لـَــمْ يَــكـُـنْ عـَـبـْـدَكـُـمْ فِـي الـقــَـوْمِ لـَــمْ يـَـسـُــدِ
أنــْـتــُــمْ وُجـُــــودِي و مَــــوجـُــــودِي و وَاجــِــــــدُهُ
لا أعــْــــدَمَ اللهُ أهــْــــلَ الــوَجـْــــــدِ مـِــنْ مـَـــــدَدِي

الخامسة
 ألـْفـَيْـتُ فـيكَ عَلـَى التـَّفـَانِي باعِثا

ألـْــفــَــيـْــتُ فــيــكَ عَــلـَـى الــتــَّــفــَـانـِـي بـاعـِــثـــا
أكــْــــرِمْ بــِـوَجْــــــــدي بـَـاعـِــــثـــــاً لـِــــيَ وَارِثـــا
يـَـا قــَــلـْـــبُ إنْ رُمـْـــتَ الــقــــديـــمَ حَـــقِـــيــقــــَة ً
لا تــَـلـْــحـَــظــَــنَّ بــِـعـَـــيـْــنِ حـُـــبــِّـــكَ حـَـــادِثـــا
لا يَــظـْــفــَــرَنَّ بــِـواحـِـــــدِ الـْــمَــعـْــنــَـى سـِــــوى
مَــــــنْ لا لـَـــهُ ثـــَــــــانٍ وَ لــَـــمْ يــَــــرَ ثـــَـالـِـــثـــا
فــَـافــْــنــَـى بــِــهِ عـَـــنْ غــَـــيـْــرِهِ تــَــبـْــقــَـى وَ لا
تــَـشـْـهـَــدْ سِــوى الـمَـحْــبــوبِ عِــنـْـدكَ مـَـاكـِـــثـــا
مَـــــنْ لـَـــمْ يــَـــزَلْ بــِحـَـبــِــيــبــِـهِ مُــتــَحَـــقــِّــقـــاً
لـَـــم يـَــلـْـــقَ هــَــمــًّــا بـالـخــَــوَاطِــــرِ عـَــابــِــثـــا
يـَـا مُــسْـــتــَـغِـــيــثــا بــِالـْــوَفــَـا مـِـــنْ نــَـفــْـسـِــــهِ
أبـْـشـِــــرْ فــَـرَبــُّــكَ قــَـــدْ وَفــَـــا لـَــكَ غــَــايــــثـــا
سـَـــابــِـقْ فــَـبــَــابَ الـْـحَـــيِّ مَـــفــْــتــُـوحٌ لـِــمـَـــنْ
أمـْـسـَـــى و أصْــــبـَـحَ فـِــي الـْـمَــحَـــبــَّــةِ لابــِــثـــا
حَـــقـــَّـا هـُــنـا تــَـجــِــدُ الـمُــنــَـى وَجَـــــدَ الـْـهـَـنــَـا
مَـــنْ كـَـانَ عَـــنْ كــَــنــْــزِ الـحــقــيــقـــة بـَـاحـِــثـــا

الحال والمقام عند الصوفية

الحال هو ما يرد علي القلب من غير تعمد ولا اجتلاب وقيل هو تغير الاوصاف علي العبد ، وقال الخركوشي في تعريف الحال ( نازلة تنزل العبد في الخير فيصفو له في حال ووقته.

تعريفها: الاحوال والمقامات هي درجات ( مراحل ) هذا التطور أو الترقي الروحي ، استنادا الى تقرير القرآن أن الوجود الإنساني ينبغى أن يكون في صعود دائم عبر درجات﴿ يرفع الله الدين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾، ﴿ ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ﴾، وهذه الدرجات بعضها ذو طابع ذاتى هي الأحوال ، وبعضها ذو طابع موضوعى هي المقامات . فالأحوال تمثل الدرجات الذاتية لهذا الترقي الروحى ، متمثله في الأنماط الانفعاليه والمعرفيه التي تجى كمحصله لالتزام الإنسان بمجموعه من القواعد التي تحدد للإنسان ما ينبغى أن يكون عليه وجدانه وتفكيره. بينما المقامات تمثل درجاته الموضوعية متمثله فى الانماط السلوكيه التى تجى كمحصله لالتزام الإنسان بمجموعه القواعد التي تحدد له ماينبغى أن يكون عليه سلوكه.


وقال الكاشاني في كتابه اصطلاحات الصوفيه : ( الحال ما يرد علي القلب بمحض الموهبة من غير تعمد ولا إجتلاب كحزن أو خوف أو بسط أو قبض أو شوق.
ويزول بظهور صفات النفس سواء يعقبه المثل أو لا فإذا دام وصار ملكا يسمي مقاما ) والاحوال هي : ( المواهب الفائضة علي العبد من ربه إما واردة عليه ميراثا للعمل الصالح المزكي للنفس المصفي للقلب ، واما نازلة من الحق امتنانا محضا وإنما سميت احوال لتحول العبد بها من الرسوم الخلقية ودركات العبد الي الصفات الحقية ودرجات القرب وذلك هو معني الترقي)


وقال الغزالي رحمه الله : ( والحال منزلة العبد في الحين فيصفو له في الوقت حاله ووقته وقيل : هو ما يتحول فيه العبد ويتغير مما يرد علي قلبه ، فاذا صفا تارة وتغير اخري قيل له الحال.


وقال الهجويري في كتابه كشف المحجوب : ( والحال وارد علي الوقت يزينه مثل الروح للجسد ، والوقت لا محال يحتاج الي الحال ، لان صفاء الوقت يكون بالحال وقيامه به.
وقد قيل ان الحال : سكوت اللسان في فنون البيان فلسان صاحب الحال ساكت في بيان حاله ، ومعاملته ناطقة بتحقق حاله ، ولهذا السبب قال أحد الشيوخ : ( السؤال عن الحال محال إذ العبارة عن الحال محال لان الحال فناء المقال ، والحال عبارة عن فضل الله ولطفه الي قلب العبد دون ان يكون لمجاهداته تعلق به لان المقام من جملة الاعمال ، والحال من الافضال والمقام من جملة المكاسب والحال من جملة المواهب.


ويقول الشريف الجرجاني في كتاب التعريفات ( الحال في اللغة نهاية الماضي وبداية المستقبل والحال عند أهل الحق معني يرد علي القلب من غير تصنع ولا اجتلاب ولا اكتساب من طرب او حزن او قبض او بسط او هيئة ويزول بظهور صفات النفس سواء يعقبه المثل أم لا ، فاذا دام وصار ملكا يسمي مقاما فالاحوال مواهب والمقامات مكاسب والاحوال تأتي من عين الوجود ، والمقامات تحصل ببذل المجهود .


وقال ابو نصر في كتاب اللمع :المراقبة ، والقرب ، والمحبة والخوف ، والرجاء ، والشوق ، والانس والاطمئنان ، والمشاهدة واليقين.

الفرق بين الأحــوال والمقامـات
تعتبر الأحوال والمقامات عند الصوفية طريق موصل إلى معرفة الله عزوجل، وقد وصفها ابن خلدون في مقدمته بالغاية المطلوبة للسعادة، يقول:  "ولا يزال المريد يترقى من مقام إلى مقام إلى أن ينتهي إلى التوحيد والمعرفة التي هي الغاية المطلوبة للسعادة"

ويتفق الصوفية مع ابن خلدون في رأيه بأن الترقي في المقامات ينتهي بصاحبه إلى توحيد الله تعالى ومعرفته، وطالما وصل صاحب المقام إلى هذا فإنه يكون قد تحقق له غاية السعادة والأمن والسلام مع نفسه ومع غيره .

     وكما اتفق رجال الصوفية على أن الأحوال والمقامات طريق موصل إلى الله تعالى ومعرفته، نجدهم قد اختلفوا في عدد هذه الأحوال والمقامات، كما اختلفوا في ترتيبها، وفي حقيقة الأمر نجد أن كل سالك يصف لنا على حدة منازل سيره وحال سلوكه الذي سلكه في الوصول إلى الله تعالى، وعلى الرغم من هذا الاختلاف فيما بينهم فإنهم يقررون "أن الأحوال مواهب والمقامات مكاسب، والأحوال تأتى من الوجود نفسه، والمقامات تحصل ببذل المجهود"(2).

والحال عند القاشاني هو "ما يرد على القلب بمحض الموهبة من غير تعمل كحزن، أو خوف، أو بسط، أو قبض، أو شوق، أو ذوق يزول بظهور صفات النفس، سواء أعقبه المِثل أولاً، فإذا دام وصارا ملكًا يُسمى مقامًا(3)." فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب"(4).

كما حُكي عن إمام العارفين وسيد الطائفة الجنيد (رحمه الله)، أنه قال:" الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم"(5).

أما الحال في اصطلاح أهل الطريقة كما يقول الواسطي (رحمه الله) فيطلق على "ما قام بالقلوب من المواهب الإلهية والجذبات القدسية فيقال حال الخوف، حال الشوق، حال الرجاء ... وأمثال ذلك، ويسمى في عرف أهل الزمان خوارق العادات حالاً أيضًا"(6).

وهو أيضًا "ما أقام العبد به دين الله في قلبه وجوارحه مثل التعظيم لله تعالى والحب له، والمكاشفة بجلاله وإكرامه وعظمه شأنه، والحياء منه الموجب لاستقامة الظاهر وصفاء الباطن ... "(7) .

والمقام عند الطوسي (رحمه الله)(8)" معناه مقام العبد بين يدي الله عز وجل، فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضات والانقطاع إلى الله عز وجل، وقال الله تعالى " ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ "(9) " وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ"(10).

أو هو "ما يتحقق به العبد بمنازلته من الآداب، مما يتوصل إليه بنوع تصرف، ويتحقق بضرب تطلب، ومقاساة تكلف، فمقام كل واحد في موضع إقامته عند ذلك"(11).

كما يشترط القشيري على العبد "أن لا يرتقى من مقام إلى مقام آخر ما لم يستوف أحكام هذا المقام، فإن من لا قناعة له لا يصح له التوكل، ومن لا توكل له لا يصح له التسليم، ومن لا توبة له لا تصح له الإنابة، ومن لا ورع له لا يصح له الزهد"(12)
كما لا يصح –في رأى القشيري- "منازلة مقام إلا بشهود إقامة الله تعالى إياه بذلك المقام؛ ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة"(13).
وقد جعل الإمام الواسطي للأحوال والمقامات علامات منها:" ما وافق كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وجذب إلى الله، واتصل بالله، وآثرهما قربًا من الله، وعبد الله بذلك الحال، فاتصلت عبودية العابد بذلك الحال بالله، وكان الله عز وجل هو المعبود به والمعظم فيه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو الداعي إليه والعابد له فيه، وكان العبد هو الذليل الفقير الراجع إلى مولاه بالافتقار والالتجاء إليه، كما أنها تُزهِّد صاحبها في الفاني وتُرغِّبه في الباقي، وتُغِّيبه عن الخلق وعمَّا في أيديهم فيتصل غناه بالله وفقره إليه وينفصل عن العالم وعن الأشياء مما سوى الله تعالى "(14).

الفرق بين الحال والمقـام:
اتفقت معظم كتب التصوف على أن:
"1- الحــال: معنى يَردُ على القلب من غير تعمد ولا اكتساب.
   المقــام: ما يقام فيه العبد ويتحقق بالعبادات والمجاهدات والمكاشفات.
2- الحــال: تبطن فيه المكاسب وتظهر المواهب.
  المقــام : تبطن فيه المواهب وتظهر المكاسب.
3- الحـال : سُمِّي حالاً لتحوله .
 المقــام  سُمِّي مقامًا لثبوته واستقراره .
4- الحـال : من المواجيـد .
 المقــام : طرق لهذه المواجيد.
5- صاحب الحال : مترقٍّ عن حاله .
 صاحب المقام : متمكن في مقامه .
6- الحال مثل: الطرب، والحزن، والبسط، والقبض، والمراقبة، والقرب ...
  المقام مثل: اليقظة، والتوبة، والورع، والزهد، والفقر، والرضا ..."(15).

ولكن هل التزم الواسطي في تناوله للمقامات والأحوال بهذا التصور وهذه التفرقة؟ إن استقراء ما كتبه الواسطي في هذا المجال يدل على أنه لم يفصل بين المقامات والأحوال فصلاً واضحًا، ولم يذكر بينهما فروقًا، وساقهما جميعًا في كتبه مع بعضهما، وربما يرجع ذلك إلى أمرين:

أولاً: الفرق التقليدي بين المقام والحال، والمتمثل في أن المقام يُنال بالمجاهدة والكسب، والحال يحصل بالوهب عند الواسطي غير موجود؛ فكل ما ذكره من مقامات وأحوال يعتمد على الوهب الإلهي والتوفيق من عنده سبحانه وتعالى للعبد.

ثانيًا: إن الشيء بعينه قد يكون حالاً ثم يصير مقامًا أو العكس، فربما ترك الواسطي التفرقة بين المقامات والأحوال لذاتية التجربة التي يمر بها السالك وخصوصيتها، ونحا منحى عمليًّا في بيان هذه الدرجات بالشرح والتحليل.

الصلاة على النبي يوم الجمعة

اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في إحياء العلوم وعلى آله وصحبه عدد خواطر النفوس والرسوم اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة، قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا, وسلط الله على صلاته ملكا حتى يدخلها في قبري كما يدخل على أحدكم الهدايا، ويخبرني باسمه، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء، وأكافئه يوم القيامة. اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في النزهة عن أنس بن ملك رضي الله عنه وعلى آله وصحبه ما تعاقبت الخيرات منه. اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة، غفر الله له ذنوب ثمانين سنة، ومن صلى علي كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر أبدأ. اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في الشفاء، وعلى آله وصحبه أهل الصدق والصفاء. اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي يوم الجمعةمائة مرة، غفرت له خطيئة ثمانين سنة. اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في الزاهر وعلى آله وصحبه بعدد المحاريب والمنابر. اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي في يوم جمعة مائة مرة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في روضة العلماء، وعلى آله وصحبه ما هام الهائمون بمحبة الحكماء. اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي مائة مرة يوم الجمعة أعطي من النور يوم القيامة ما لو اجتمع أهل الدنيا لوسعهم. اللهم صل على وسلم وبارك عليه بعدد ما روي هذا الحديث في روضة العلماء، عن علي رضي الله عنه وعلى آله وصحبه بعدد الفائق والغائب فيه به عنه. اللهم صل على وسلم وبارك على من قال: من صلى علي ليلة الجمعة أو يوم الجمعة مائة مرة، غفر الله له خطيئة ثمانين سنة.
أخرجه البيهقي من حديث انس و هو حديث حسن.

قصيدة أدم الصلاة على الرسول مسلّما ومباركا بعد السلام معظّما مكتوبة


أدم الصلاة على الرسول مسلّما ** ومباركا بعد السلام معظّما

صلّ عليه بكرة وعشية ** آناء ليلك مع نهارك دائما 

فى حال كونك طاهرا أو محدثا ** أو تائبا عن ذلة او ظالما 

او كنت مضّجعا عليك بها تفز ** أو ماشيا أو قاعدا أوقائما 

أو كنت وحدك فاتخذها صاحبا ** أو كنت فى ملأ فواظب اينما 

هى سلّم الخيرات والزلفى لمن ** جعل الصلاة لما يريده سلّما 

وتنوب عن شيخ لمن يك فاقدا ** شيخا بصيرا عارفا ومعلّما 

انّ الذى نسى الصلاة على النبى لم ** يسلكن درب الجنان الأقوما 

ناهيك من صلّى عليه بمجلس ** بلغت روائح طيبه أفق السما 

وبجاهها كل الحوائج تنقضى ** وتيسّر الارزاق تغنى المعدما 

وتزيل اشرارا وتكشف كربة ** وتنوّر الابصار من ظلم العمى 

يكفيك من صلّى عليه مرة ** صلّى عليه الله عشرا تمما 

والى تمام الالف ان صلّى على ** هذا الرسول على جهنّم حرّما 

عند الممات ينال حسن ختامه ** ويموت صاحبها حنيفا مسلما 

وعلى الصراط يمر كالبرق الخفى ** يختال فى حلل البهاء مكرّما 

يسقى من الحوض المبرّد شربة ** تحلو فيأمن بعد ذلك من ظمأ 

يغدو بدار الخلد جار محمد ** بعمامة الفوز العظيم معمما 

ويزور مولاه وينظر وجهه ** بحضيرة القدس العلى ذات الحمى 

صلّى وبارك ذو الجلال عليه ما ** برق تألق فى الظلام وسلّما 

والآل والاصحاب والاتباع ما ** عبد الرحيم تجاه طيبة يمما

جميع الحقوق محفوظة لــ موقع المديح النبوي 2015 ©